روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | من تحب أكثر ـ بابا أم ماما ـ؟!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > من تحب أكثر ـ بابا أم ماما ـ؟!


  من تحب أكثر ـ بابا أم ماما ـ؟!
     عدد مرات المشاهدة: 2184        عدد مرات الإرسال: 0

لا يكاد يوجد طفل لم يُطرح عليه ذلك السؤال الشهير البغيض: من تحب أكثر.. بابا أم ماما؟!.. إنه سؤال يُلقيه صاحبه بإبتسامة عريضة بلهاء، وترقب أحمق، وكثيرا ما يحاول الأطفال لأول مرة يسمعون فيها هذا السؤال أن يرفضوه، بالهرب من أمام المتحدث، أو بإستسخاف ما قاله، أو بعبارات من قبيل: وما شأنك؟ أو لا أدري.... ولكن السائل غالبًا ما يُصر على الأطفال، ولا يرضى بعبارة: أحبهما كليهما بالتساوي، فهي ليست الإجابة المنتظرة التي يحصل بها على خبر يختزل به كل مشاعر هذا الطفل الحاضرة والمستقبلة تجاه أغلى شخصين عنده.. أبيه وأمه!

ولكن المؤسف حقًا هو أن هذا السؤال أحيانًا ما يطرحه الأبوان نفسيهما أو أحدهما، مما يعني بالنسبة للصغير أنه سؤال صائب وعليه أن يجيب..

الكارثة في هذا السؤال هو أننا نضع الطفل أمام إختبار عَسر يزن به الحب وهو شعور معقد خاصة لدى الطفل الذي يتمحور أصلا حول نفسه وينمو لديه إدراك مشاعره مع الوقت، نضع الطفل في إرتباك فائق وحيرة بالغة.

كيف يحكم الطفل على شعوره؟.. وكيف يعرف إذا ما كان يُحب أباه أكثر أم أمه؟، وهل يُدرك من يطرحون هذا السؤال الشعور الجارف بالذنب الذي يجتاح القلوب الصغيرة تجاه من لم يصفوا حبه بـ الأكثر؟..

إن الجريمة لا تقتصر على السؤال بل تتعداه لسلوك مجحف وظالم تجاه الأطفال، يمارسه الآباء والأمهات، بتصنيف الصغار بناءًا على شبههم الشكلي السلوكي، فتقرب الأم من هو أقرب لها ولأهلها، وكذلك يفعل الأب، أما الطفل الآخر أو الآخرين الأقل شبهًا فيُعامل بتحفز وقلة تسامح وغلظة في التربية وقليل من التدليل والتشجيع، وقد يصل الأمر إلى النبذ والتصيد للأخطاء.

وكذلك يبني بعض الآباء والأمهات على إجابة الصغار على سؤال الحب نظرتهم لهم وتعاملهم معهم، وكأن إجابة الصغير بمن يحب أكثر تعبر فعلا عن شعور واعي وحقيقي، وليست إجابة طفولية متأثرة بآخر حدث.. آخر موقف.. آخر هدية!

الأصل في الأبوين أنهما يحبان أطفالهما بصدق ودون تكلف، يحبانهم إبتداءًا ودون أسباب، فكيف يتحول هذا الحب الفطري رفضا وتصنيفا للصغار؟

ولماذا لا نترك مشاعر الأطفال سليمة آمنة حرة لتنمو في جو صحي وسوي لا تعرف فيه النفاق والكذب والذنب والخوف؟!

ولماذا يعتقد الأب أو الأم أن الطفل الذي يشبهه هو الأفضل أو الأجدر بالمحبة؟

أليس من المؤسف أن نجد أسرا منقسمة على نفسها فهذا الابن -أو الابنة- تابع لأبيه، والآخر تابع لأمه، رغم أنها أسرة واحدة كان من حق الطفل فيها أن يحظى بمحبة كاملة من أبيه وأمه دون أن يتكلف إظهاره أنه يشبه أيهما، أو يفضل أيهما؟!

أليس من حق الابن- أو الابنة- أن يتمتع بمحبة غير مشروطة، وأن يترك لصفاته الظهور الطبيعي لأنه ببساطة غير مكلف بأن يضع نفسه في القالب الذي يعالج به المشكلات النفسية لدى أبويه؟!

بلى من حقه.. ولكن فقط إذا كان في أسرة سويَّة.

الكاتب: مي عباس.

المصدر: موقع رسالة المرأة.